Posts tagged ‘theatre’

August 22, 2011

سرديات صرحية في انتظار التقويض

by M. A.

ﻳﻔﺘﺘﺢ عمل “ﺩﺭﻭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ” ﺑﺗﻮﻟﻴﻒ ﻓﻴﺪﻳﻮ من ﺘﺴﺠﻴﻼﺕ ﻋﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻜﺎﺷﻒ ﻭﺭﻭﺩ ﻏﻴﻠﻨﺰ الوثائقية. ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ الأول لهذه ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ الأرشيفية ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺘﻬﺎ ولا ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﻋﺎﺋﺪﺓ أثناء الاعتصامات (ﻟﻢ ﻳﻜﻦ من الممكن ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺮﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﻛﺎﻣﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﺣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ.) ﻟﻘﺪ فشل توليف ﻏﻴﻠﻨﺰ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎً ﻓﻲ إﺛﺎﺭﺓ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ الأولى ﺇﺫ ﺍﺳﺘﻄﺎﻝ ﻓﻲ ﺻﺒﺮ ﻣﺆﻟﻢ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ مذكرات ﻳﻮﻣﻴﺔ لمشاهد الاعتصام الأول ﺗﻔﺼﻠﻬﺎ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﺟﻠﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺸﻬﺪ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺣﺮﻛﻴﺎً ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺎً لمجموعة من ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻗﻄﻊ ﺗﻮﻟﻴﻔﻲ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ. ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭ الإخباري ﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ الأوحد ﻃﻮﺍﻝ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺭﺑﻊ ﻫﻲ ﻣﺪﺓ ﺍﻟﻌرض، ﻟﻢ ﻳﻘﺪﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ﺳﻮﻯ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺴﺮﺩ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻷﺩﺍﺀ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻨﻲ ﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﺎً ﻭﻟﻴﺲ ﻭﺳﻴﻠﺔ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ نجح ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻡ ﻟﻪ

كذلك تم توظيف ﺃﺳﻠﻮﺏ الأداء ﺍﻟﺤﺮﻛﻲ الجمعي ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻨﺼﻮﺭ منذ اللحظات الأولى ﻣﻦ ﺍﻠﻌﻤﻞ. ﻳﺄﺗﻲ الأداء ﺍﻟﺤﺮﻛﻲ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ وتأويلياً ﻻ ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﺳﻮﻯ النظر ﺇﻟﻰ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺍﻟﻧﺸﻄﺎﺀ/ ﺍﻟﻣﺆﺩﻳﻦ (ﻭﻫﻢ ﻳﺘﻤﺮﻏﻮﻥ ﻓﻲ الأرض ﻭﻳﻘﻔﺰﻭﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻳﺘﺼﺎﺭﻋﻮﻥ ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪﺩ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺮﺣﻲ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺽ) ﻭالتكهن ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻭﺍﺣﺪ معنى ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﻗﺼﺔ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ (ﺭﻗﺼﺔ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻋﻠﻲ ﺻﺒﺤﻲ، ﺃﺩﺍﺀ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ الثنائي ﻭﺭﻗﺼﺔ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﻜﺔ مثلاً.) ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺒﺪﻱ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﺑﺪﻼً ﻣﻦ ﺃﻥ يكون الاداء الحركي ﻋﻤﻼً ﻓﻲ ﺫﺍته ﻓﻘﺪ ﺻﺎﺭ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻏﺮﺽ ﺃﻧﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ. ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺘﻲ تحدثت ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻮﺯﺍﻥ ﺯﻭﻧﺘﺎﻍ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﻬﺎ “ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ” ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺑﻐﺮﺽ ﺗﺄﻭﻳﻠﻪ، فتخلق بالتالي ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻭالذي ﺍﻋﺘﺪﻧﺎ عليه ﻟﺪﻯ ﺗﻌﺎﻃﻴﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻦ. ﺳﺄﻋﻮﺩ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻻﺣقاً

ﻳﺸﻜﻞ ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻮﻧﻮﻟﻮﺟﺎﺕ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﻣﻄﻮﻟﺔ يتخللها ﺃﺩﺍﺀ ﺣﺮﻛﻲ، ﺗﺤﻜﻲ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺕ ﻭﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺛﻠﻴﻦ أمامنا على ﺧﺸﺒﺔ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ. ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻗﺪﺭ لتلك ﺍﻟﻤﻨﻮﻟﻮﺟﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ “ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻞ” ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻟﻴﻠﻰ سليمان ﺃﺣﺪ ﻣﺨﺮﺟﻲ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻌﻬﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﺗﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺘﺨﻤﺔ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻣﻔﺘﻌﻞ ﻳﺰﺝ ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﻧﺼﻒ ﻣﺨﺘﻤﺮﺓ ﺃﺻﻼً – ﺑﺤﻜﻢ ﺍﺑﺘﺴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﻭﻫﻮ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ – ﻣﻦ ﺛﻘﺐ ابداعي ﻀﻴﻖ ربما قد تطلب ﻫﻀﻤﺎً ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﻟﻔﻈﻬﺎ. يقودنا ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺖ. ﻣﺎ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﻤﻠﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻞ ﻓﻨﺎﻧﺎً ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻋﻤل من واقع خبرته ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﺒﻜﺮ ﻭﺩﻭﻥ إﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎغة، ﺃﻭ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺮﻓﻲ ﺷﻜﻠﻲ ﺑﻐﺮﺽ إﺿﻔﺎﺀ ﺳﻤﺍﺕ “ﻓﻨﻴﺔ” ﻋﻠﻰ “ﺍﻟﺴﺮﺩ”. ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺻﺐ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺐ ﺍﻟﺸﻜﻞ. ﻻﺯﺍﻝ ﺇﺫﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻗﺎﺋﻤاً، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻮﺟﻭﺪ للشكل إلا ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺴﺮﺩﻱ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ.  لابد أن أشير هنا إلى أن الأسئلة غير المجابة لهي أكثر إثارة للاهتمام من أي انغماس في تشييد صروح لصيغ الثوابت.  إن الاحتمالات المطروحة على مستوى الأداء غير محدودة، ولكنها على  ما يبدو لم تقع في حسابات هذا العمل

ﺃﺗﺻﻮﺭ ﺃﻥ التوقيت ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﺟﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭﻓﺮﺩﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻧﺸﻄﺎﺀ ﺻﺎﻧﻌﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﺻﺮﺣﺎً ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭﻟﺤﻈﺎﺗﻬﺎ ﻭﻫﺰﺍﺋﻤﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺗﻬﺎ. الصرح ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺗﺸﻴﺪﻩ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻟﺸﻌﺐ ولا ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ النتقالية ولا الإعلام ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻠﻒ ﺑﻪ ﻧﺤﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﻌﻤﺎﺭﻱ ﻛﻤﺎ ﺟﺮﺕ العادة ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻴﺔ. ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺮﻭﺡ التذكارية ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺳﺮﺩﻳﺔ وتأويلية، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻰ ﺟﺪﻳﺪ. ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﻫﻨﺎ ليست ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻓﻨﺎﻧﻮﻥ ﺃﺛﻨﺎﺀ الاعتصامات ﻛﻤﺎ تخبرنا ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﻮﺍر، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺤﺎﺿﺮﻧﺎ ﻭﻳﻮﺍﺟﻬﻨﺎ ﺑﻪ ﻭﻳﻠﻮﻣﻨﺎ عليه ﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ. ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﺫﺍ تعليمي ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ

ﺇﻥ تسخير ﺍﻟﻔﻦ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ ﻟﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻟﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻠﻔﺼﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ. ﺍﻟﻔﻦ ﻫﻨﺎ هو الشكل، بينما ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ. ﻭﺳﻮﻑ ﻳﻈﻞ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﺩﻭﻣﺎ ﻓﻲ المقدمة، ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺧﺎﺩﻣﺎً. ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﻴﺔ، ﺇﺫ ﻧﺸﺄ ﻣﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﻮﻍ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺣﺠﺠﺎً ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻦ، ﺳﺎﻟﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺬﻱ “ﻳﻨﺘﺰﻉ ﻋﻨﺎﺻﺮﺍً ﺑﻌﻴﻨﻩﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ” ﻭﻳﺼﺒﺢ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﻫﻮ “ﺗﺮﺟﻤﺔ” ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ بدلاً ﻣﻦ ﺗﻠﻘﻴﻪ. ﻣﻬﻤﺎ كانت ﺍﻟﺪﻭﺍﻓﻊ، ﻓﺈﻥ مشروع ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻛﻤﺪﺧﻞ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ الإبداعية ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻟﻬﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻧﻈﺮﺓ ﻧﺎﻗﺪﺓ

ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻤﻮﺳﻴﻘﻰ العرض هي العنصر ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺫﻱ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ الهروب ﻣﻦ ﺍﻧﻔﺼﺎﻡ الشكل ﻋﻦ المضمون، ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻛﻮﺳﻴﻂ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻌﻘﻞ ﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺩﺍﻉ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ باللآخر. ﻳﻨﺠﺢ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻟﻮﻗﺎ ﺑﺒﺮﺍﻋﺔ ﻓﻲ ﺩﻣﺞ ﺃﺩﺍﺀ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺤﻲ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻀﺢ بالاتساق (ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﺎﺣﺚ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﻭﻣﺆﻟﻒ ﺻﺪﺭﺕ ﻟﻪ ﻋﺪﺓ ﺃﻟﺒﻮﻣﺎﺕ ﻭﻋﺎﺯﻑ ﻋﻮﺩ ﻣﺠﺪﺩ) ﻣﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ. ﺇﻥ ﺍﻟتركيب المعقد ﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻲ تنمو ﻓﻴﻬﺎ الاﺼﻮاﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ تضج ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ بلحن شعبي ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻟﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﻻ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﺼﺪﺩﻩ ﻋﻦ ﻣﻘﺼﺪ لصانعه ﺃﻭ ﻣﻌﻨﻰ لعناصره. ﺇﻥ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺗﻤﺎﺳﻚ ﺑﻨﻴﺎﻧﻪ ﻭﺍﺗﺴﺎﻗﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻻ ﻳﻔﺴﺢ مجالاً ﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ

ﻻ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻲ ﻣﻄﻠﻘﺎً أﻱ ﺍﻧﻐﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻤﺠﻴﺪ ﺍﻟﺬﺍت، ولاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻦ. ولا تثيرﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻲ – ﺑﻞ ﻭﻗﺪ تثير ﺣﻔﻴﻈﺘﻲ – الأنصاب ﺍﻟﺘﺬﻛﺎﺭﻳﺔ. ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻌﻄف، ﻭﻣﻌﻪ ﺧﺒﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ الإنساني ﻭﻋﻠﻢ النفس والأنثربولوجيا ﺇﻟﻰ ﺯﺧﻢ الأشعار والأغاني ﻭﺍﻟﺼﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ والأفلام والأدبيات ﺍﻟﺘﻲ تعقب لحظات تاﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﺤﻮﺭية، لما تحمله ﻣﻦ ﺍﻧﻐﻤﺎﺱ ﺭﻭﻣﺎﻧﺘﻲ ﻓﻲ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﻧﻮﺳﺘﺎﻟﺠﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ، ﻓﻲ الأغلب ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻧﻘﺪﻳﺔ. ﺭﺅﻳﺔ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ تخطها ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻴﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺳﺮﺩﻳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﺩﻟﺠﺔ. ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﺬﻛﺎﺭﻳﺔ ﻟﻬﻲ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺗﺨﻠﻴﺪ ﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺧﻠﻖ ﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ كاذبة. ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻮﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ الأمر ﺑﻨﺎﺀﺍﺕ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ سقوطها ﻭﻻ ايمان ﻟﻬﺎ ﺑﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﺍﻟﻠﺤﻈﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﻁﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻱ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺛﻮﺭﻱ. ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺮﻓﻊ ﺃﻱ ﻓﻨﺎﻥ – ﺑﻞ ﻭﻛﻞ ﺛﻮﺭﻱ – ﻋﻦ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﺷﻜﺎﻟﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ

مراجعة وتحرير النص العربي: دعاء علي

June 15, 2011

لا وقت للفن؟ – دعاء علي

by M. A.

يستثير عنوان مسرحية ليلى سليمان الأخيرة “لا وقت للفن – عرض مسرح تفاعلي لتكريم شهداء ثورة ٢٥ يناير” تساؤلاً: هل هناك وقت للفن؟

منذ اندلاع الثورة، والفنانون المصريون في تهافت دجاجة بترت رأسها. واتخذت مخاوفهم بعداً يكاد يكون وجودياً. ماذا نفعل الآن؟ أنستمر في فعل ما كنا نفعله قبلاً؟ أين ننتهي “نحن” وأين يبدأ فننا؟ تؤشّر تلك التساؤلات إلى جوهر العملية الإبداعية والتي طالما ارتبطت بالحياة بصورة أو بأخرى.  على الأقل بحياة الفنان صاحب التساؤلات.

يجوز القول بأن تساؤلات شبيهة قد طرحت إبان الجدل الدائر حول كيفية تقديم أعمال أحمد بسيوني في فينيسيا، حين أدمج لقبيّ الفنان والشهيد في تقويض لكليهما.  إن نزول بسيوني إلى الشارع وموته كان محتماً بغض النظر عن كونه فناناً، وبالمثل فإن قيمة فنّه ليس لها صلة بمسألة استشهاده.  هل كان مشغولاً بميراثه الفنّي حين واجه الغاز المسيل للدموع وحين تلقى الرصاصات؟ هل فكَر أي من الفنانين المعتصمين في ميدان التحرير ثمانية عشر يوماً في فنّهم؟ أعرف أني لم أفكر في فني.

يبدو جلياً أنّ هناك فارقاً بين شخص الفنان وشخص الإنسان.  قد يتصادما أحياناً ويتبادلا طاقتهما الحركيّة، فيندفعا إلى حركتهما التالية. إن هذا التصادم – لحظة التعارف العابرة تلك – يشفّ من الأعمال الفنية العظيمة، فتشاهد العمل دون أن تجرفك سرديات خبيئة، ولن تشهق متعجباً “ماذا دار بخلده/ا بحق السماء؟”.  إن الفن الذي يبتدع حين يذوب ذلك الفارق لا يترك مجالاً لتخمين دوافع الإنسان (وليس الفنان)، وسواء إن نجح في أن يقبس اهتمام المشاهد أم لا، فلن يكون هناك شكاً في توحّد الهدف.

يبدو مع ذلك أن التساؤل اليوم قد صار حول كيفية منع ذلك التصادم من الوقوع.  يفرض علينا “الزمن” أن نضع خطاً فاصلاً بين من نحن، وماذا نفعل: لا يشترط أن يكون لما نفعله علاقة بمن نحن، بينما يجب في جميع الأحوال أن يشهد على وعينا بـ”متى” و”أين” نكون.  وبما أننا فنانون، وبما أن الحاضر ردئ، فإن الاستنتاج يصبح أنه “لا وقت للفن”، ولا يلزم مجهود كبير لأن يعقب ذلك أنه لا مكان للفن.

حين نقابل الأحداث الجسام، فلا مفر من الاعتراف بها.  يكفل التاريخ مكاناً محفوظاً للفن الارتكاسي*.  إذ لا يوجد وقت للفن في أعقاب التفجيرات أو الانتصارات السياسية، بمعنى آخر: لا وقت للتفكّر المتأمل أو الفلسفة. إنه وقت العمل والتكاتف والاحتفال، وأي شيء آخر يصبح غير ملائم.  قد يفسر ذلك حالة الجمود التي تصيب بعض الفنانين وتجعلهم عاجزين عن الإنتاج وعن مواصلة ما بدأوه، ولكنه لا يسوق حججاً لفن ارتكاسي متخفي في صورة نشاط سياسي.

إن الفن الارتكاسي مكروه لا مفر منه وغير مسوغ.  إنه قربان من اندفاع إنساني يتوق للعمل والإنتاج.  إنه ضروري ومشروع، ولكن يجب أن يظل استعراضه المتيقن والواعي تحت السيطرة.  يجب أن يعلم الفنانون الارتكاسيون أن تقديمهم للحياة الحقيقية بكل فجاجتها لا يقصيهم عن شئون الفن الزائدة، إذ تبقى التساؤلات حول مكان تقديم تلك الوقائع وكيفية تقديمها ومن “نحن” وكيف يحدد ذلك كله تلقينا لها؟ إن أي صورة للتمثيل الفنّي** تعود بنا إلى تلك النقطة من التفكير والتشتت، ذات النقطة التي تحاول تلك التمثيلات – بكل واقعيتها الخشنة – أن تدينها. إن إعادة استئطار واستمكان*** أي حدث حياتي وفي النهاية التوسط إليه يحيله إلى حدث متعمد، بعيد عن مقصده بعد الصورة عن موضوعها.

من هذا المدخل، يعجز أي مثال لمداخلة مسرحية تفاعلية – مؤداة على مسرح في قاعة من قبل ممثلين في مواعيد عرض مجدولة بل وملخص لما قد يتوقعه المتفرج – في أن يرتقي لشكل أصيل غير تقليدي لما لن ندعوه فناً.  بل ولا “يبجّل” حتى واقع الشهادة (ربما يبجل مفهومها). إن جاز لنا فإنها تمثّل حقيقة في شكلها الكاذب.  إن جاز فإنها تحمل في مضمونها تناقضاً ظاهرياً.  يمكن للمرء أن يستعين بأدوات الفن في نقد سطحيته، ويحدث ذلك طوال الوقت، ولكن الافتراض هنا هو أن ما يجري “الآن” لهو أكبر من قدرة الفن المحدودة على استيعابه والاستجابة له.  فما جدوى محاولة إعادة زج الفيل في الخزانة؟

ثمة برجوازية سقيمة في افتراضية وجود “وقت للفن”.  إن اقتراح أن الفن بإمكانه التواجد فقط كي يستجيب لهو فكرة مزعجة.  والأكثر إزعاجاً لهو اقتراح أن الفن لا يمكنه التواجد إذا عجز عن الاستجابة “المناسبة”.  أكان هناك فناً أبداً؟ أم ربما كان يمضي وقتاً إلى أن تندلع الثورة؟

أؤمن بشدة بأنه ليس هناك وقت للا وقت للفن.  إنه لشديد الخطورة في وقت نحن مطالبون فيه بأن نشحذ جميع مواردنا الإبداعية وأن نحرر إمكاناتنا وأن نهجر العقائدية وأن نوسع من فهمنا، أن نجد كلمة لا إلى جوار كلمة فن.

نص: دعاء علي
ترجمة: محمد عبدالله

* الارتكاس: الاستجابة أو الارتجاع – رد الفعل (المترجم)
** التمثيل في الفن يعني الاستعانة بعناصر في العمل يسهل التعرف عليها من الجميع (المترجم)
***الاستمكان: طلب المكانية للشيء (المترجم)